قبل ثلاث سنوات بالتمام والكمال، وإبان هذا الشهر الفضيل، شهر رمضان الكريم، اعتقل زميلنا وصديقنا محمد الراجي، وكنا نتناوب على عموده "بدون مجاملة" في "هسبريس" في انتظار عودته من السجن الذي دخله بجريرة مقال كتبه عن "القداسة" بشكل عفوي يبتغي الاصلاح كما يراه بشكل سلمي وحضاري، في تلك الأثناء كتبت مقالا في زاويته بعنوان " الصحافي رشيد نيني شفار كبير"، المقال كما أذكر، ولا زال على شبكة الانترنيت لمن أراد أن يعود له كرة أخرى، تحدثت فيه عن أساليب السب والشتم التي كان يتعرض لها الصحافي رشيد نيني من قبل الصحافة المكتوبة أيامئذ، لقد قيل فيه كلام ساقط وجارح لمن كان يتابعه، لقد وصفوه بأقبح النعوت وأفحش الأوصاف، لا أود ذكر الصحف التي تناوبت على سب وشتم رشيد نيني، ولكن ما يمكن ذكره هو أن بعض الصحفيين لا يزالون إلى حدود الآن يسبونه ويشتمونه وهو في السجن، بل تعدت "جرأتهم" في الاعتداء على أعراض وحرمات أسرته الكريمة، وعائلته المحترمة، ومن بين المفارقات الأخلاقية الصادمة أن صحفيا كان يكتب في عمود "بالقلم الأحمر" ووصفه بكلام فاحش، عمل معه في جريدة المساء ومجلة أوال، كما أن صحفيا عمل معه في الجريدة، يتعرض الآن لشخص نيني بسب وشتم أسرته ورميها بكلام فاحش وساقط، كلام سوقي خيل له أنه يؤذي سيده ومشغله نيني، ولكن هيهات..هيهات... إنهم يخدمون اجندة الفساد والافساد التي كان نيني يحاربها بقلمه.
السبب الذي جعل القوم يتطاولون على نيني، هو النجاح الذي نالته جريدة المساء حينذاك، بحيث أنها استطاعت أن تتربع على كرسي الزعامة من حيث المقروئية في أيام معدودات، واستطاعت أن تزيح من أمامها كل الجرائد إلا ما نذر، كما استطاع نيني بقلمه أن ينال إعجاب القراء، وسرق عقل وقلب القارئ المغربي، ولذلك قلت بأن "نيني شفار كبير".
وماذا عن " الصحافي رشيد نيني المفسد الكبير" ؟
آه.. عن لي هذا السؤال حينما كان خصوم حركة 20 فبرير يخرجون رافعين لافتات فيها أخطبوط يتكون من عدة شخصيات وطنية، يتوسط هذا الأخطبوط الأستاذ عبد السلام ياسين، وعلى جانبه إعلاميون ونشطاء حقوقيون وفاعلون سياسيون، ومن بين الصحفيين كانت صورة رشيد نيني، وهذا الأخطبوط الذي كان يحمله "النشطاء" هو رد فعل على أخطبوط الفساد الذي رفعته حركة 20 فبراير، وطالبت بإبعاده ومحاكمته، ولكن الأخطبوط الذي رفعه البلطجية والعياشة والشماكرية لم يسرق أحد من هذا الأخطبوط الناس، ولم ينصب على أحد، ولم يستول على خيرات البلاد في البحر والبر وما ملكت الأغلبية الساحقة والمسحوقة من أبناء الشعب، ولم يتورط أحد منهم في ملفات الفساد الذي ينخر البلاد في كثير من المجالات ومرافق الدولة.
ولكن، مع ذلك، أنا فهمت بأن هذا أخطبوط للفساد، لأنه أفسد على المفسدين راحتهم، وسماهم بأسمائهم الحقيقية، ووصفهم بأوصافهم الصريحة، دون مجاز ولا استعارة، ولا تقعير لفظي كما يفعل الجبناء والانتهازيون.
نعم..إن الصحافي رشيد نيني مفسد كبير، لقد أفسد على علية القوم حفلاتهم التنكرية، وعراهم أمام الملإ، وجعل قراءه الذين ينتظرون "المساء" يتعرفون على حجم الفساد الذي ينخر البلاد، في الاقتصاد والاجتماع والاعلام والثقافة والأمن.
ينبغي التذكير أن رشيد نيني كان مدافعا على ما كان يسمى بالثوابت الوطنية، كان مدافعا عن الملكية بشكلها الحالي، وكان ينافح عن اللغة العربية بشكل مستميت، ودافع عن الوحدة الترابية للمغرب، وعرف بالصحراوي ولد سلمى، وكتب عنه مقالات، وكانت جريدة المساء تواكب أنشطته، وتعرض محنته التي تعرض لها، ومع بداية الحراك العربي، كان نيني يدافع عن النظام المغربي ويعتبره استثناء، وكان يقول بأن مشكلة المغرب مع الحكامة وليست مع الحكم، إلى درجة أن توفيق بوعشرين رد على نيني حول قضية الحكامة، وكان بوعشرين حينذاك متحمسا للحراك في تونس والمغرب، قبل أن يتراجع خلال الشهور الأخيرة، وكتبت جريدة "أخبار اليوم المغربية" ملفا حول أعداء حركة 20 فبراير، وجعلت الصحافي رشيد نيني واحدا من خصوم الحركة... ومع ذلك لم يشفع للصحافي رشيد نيني ان يجعله مناوئوا حركة 20 فبراير ضمن أخطبوط "الفساد" مع مجموعة من السياسيين والاعلاميين والحقوقيين.
لماذا يا ترى؟
إن رشيد نيني قام بدور كبير في وجود حركة 20 فبراير، لقد استطاع بقلمه أن يفضح ملفات الفساد في الادارة المغربية، وعرف الناس على المفسدين الكبار، وسماهم بأسمائهم. وعراهم حتى بانت صورهم الحقيقية المقززة. ولذلك سهل على شباب حركة 20 فبراير معرفة المفسدين والمستبدين في الأرض.
لقد كتب نيني عن المثقف المغربي وفضح صفقاته، وكتب عن ممتلكاته التي نهبها من مال الشعب، كتب عن الخيول والضيعات، كتب عن السينمائيين المزورين وأموال الشعب التي تنفق على إفساد المجتمع، وكتب عن الصحفيين المغشوشين الذين يزورون شهادتهم مقابل قارور البيرة، واستطاع أن ينزع العمامة المزورة عن وعاظ السلاطين الذين باتوا يفتون في تزويج بنت التاسعة والوحم على أم الكبائر، كتب عن الجلادين الذين قتلوا أبناء الشعب في معتقلات تازمامارت ودرب مولاي الشريف ودار بريشة وتمارة، ونزع البزة العسكرية عن المتاجرين في الصفقات باسم حماية التراب الوطني، والنياشين عن الجنرالات الذين راكموا الأموال من رخض الصيد في أعالي البحار وفي مقالع الرمال، وكتب عن المعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب والجلوس على "القرعة" وسمع آهاتهم فصورها في مقالاته ليعرفها قراؤه الأوفياء، وطالب بإلغاء قانون الارهاب دون لف أو دوران كما يفعل السياسيون الانتهازيون لأجل إلهاء الناس عبر ريع نضالي مشبوه، واتهم المخابرات في تعذيب الناس الأبرياء الذين لا يزالون إلى الآن يعانون ولا من مغيث، وحث على الاسراع في معرفة حقيقة ما جرى عشية 16 ماي الأليمة... ولذلك كان اعتقاله يوم تفجير مقهى أركانة.
إن اللافتة التي رفعها مناوئو حركة 20 فبراير كانت معممة على جميع المدن والقرى التي شهدت مسيرات لحركة 20 فبراير، ورأيت، شخصيا، أناسا يحملونها لا يعرفون بوبكر الجامعي ولا حسن بناجح ولا خديجة الرياضي أو أحمد ويحمان..حتى لا نقول رشيدي نيني ما دام الجميع يعرفه حتى الشمكارة والعياشة منهم.. ما يعني أن هذه اللافتة من صنع جهات عليا في الدولة، وهذه الجهات هي من في مصلحتها سجن رشيد نيني لأنه أفسد عليهم حفلاتهم التنكرية وفضحهم وعرف شباب حركة 20 فبراير بهم...
فاـ"لصحافي رشيدي نيني مفسد كبير".. أفسد على المفسدين والمستبدين وعبيدهم من الصحفيين والمثقفين حفلاتهم التنكرية.
على سبيل الختم
صديقنا محمد الراجي اعتقل قبل ثلاث سنوات حول مقال تناول فيه موضوع القداسة واقتصاد الريع...حركة 20 لها نفس المطالب الآن....تأمل !!