أيها الملك العظيم إني رأيت عروق الفساد قد انتشرت في البلاد ، وإني رأيت أناسا سمانا غلاظا يأكلون من أرزاق العباد ، فلم يبقى لفقيرنا حظ أونصيب وسط قبضة الأسياد .
كتب: مغربي من الريف الكبير
أيها الملك العظيم إن الأم المكلومة تبكي حزن الأبناء ، وإن الأب المعدوم يدمي حرقة الأشلاء ، فوالله لايحلو المقام .. ولايطيب العيش والمقال ، حتى نأخذ من الظالم حق المظلوم ومن القاهر حق المقهور.
أيها الملك العظيم ، أنت من أماط عن خُلُقٍ شريف وأبان عن نهج عفيف ، قدَّمت للشعب كل خير ونماء ، وواصلت كل جهد وبناء ، فكسبت حب الفقراء ، ونلت الوفاء والولاء ، ونحن اليوم نسعى إليك ، ونتوسل إليك أن تقيم الحد على المفسدين ، وتضرب على أيدي السفلة المجرمين ، فقد كثر ظلم ذوي القربى واشتد البؤس والآسى وصاحت الأرامل والثكالى وتفاقمت الفوضى في كل مكان ومثوى.
أيها الملك العظيم ، ليس للشعب بعد الله غيرك ، وليس له من بُدٍّ سواك :
نريد بسمة لليتيم فهي غالية ، نريد فرحة للفقير فهي عالية ، نريد محكمة للمظلوم فهي واقية ، نريد مهنة للعاطل فهي سامية ، نريد غرفة للعاجز فهي حامية ، نريد ضمادة للمريض فهي شافية ، نريد كلمة للشعب فهي كافية .. لانثق في كل الوزراء ، ولانرتاح لكل الوجهاء ، ولا أمل لنا في كل الوكلاء :
من أجل غناهم سرقوا أموالنا ، ومن أجل عِزَّتهم نهبوا أرزاقنا ، ومن أجل راحتهم غنموا ثرواتنا ، ومن أجل أبناءهم شرّدوا أطفالنا ، ومن أجل نسائهم طردوا أمهاتنا وبناتنا ..
سئمنا سماع الحديث عن الدين وتطرفه ، سئمنا كثرة القيل والقال وكثرة السؤال ، سئمنا الوعود بالكلمات والعهود بالقبلات والعمل بالعبارات والإكتفاء بالشعارات ..
لقد حان وقت الخلاص ، وآن زمن القَصاص ، وأزف ميز الظلم عن الخلاص : فمن أعدل فله البقاء ومن أذنب فله الفناء ..
المظاهرات لاتغنينا ، والإضرابات لاتسعفنا والنقابات لاتأوينا ، فكلهم أو جلهم بالحق يتظاهرون وللظلم يضمرون بل هم للثراء الفاحش يبتغون ..كثرت المسيرات ، واختلطت اللافتات ، وامتزجت الهتافات ، فاجتمع العدو بالصديق والأخ بالرفيق .. ولم نعد نهاية الطريق..فنحن الضعفاء بك نستنجد وبك نستغيث :
أيها الملك العظيم ، إني رأيت رؤوس الفساد قد أينعت وحان قطافها..