لمعطيات واضحة: التصحر يزحف على 100 بلدا ويؤثر على حياة أكثر من مليار شخصا وفي حالة إستمراره سوف يصيب نحو 44 في المئة من جميع النظم المزروعة في العالم. وإذا لم يكف هذا، فلتعلم إذن أن الأراضي الجافة قد زحفت بالفعل على 41.3 في المئة من إجمالي أراضي العالم، في مساحة تأوي 1.2 مليار نسمة.
علق يوكي هوري، المسئول بإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، قائلا أن "خطة العمل المعتمدة في عام 1997 لتحقيق وقف التصحر لم تحظي بالإهتمام الواجب لمواجهة تدهور الأراضي وزحف الأراضي الجافة".
ولهذا أطلقت الأمم المتحدة "عقد الصحارى ومكافحة التصحر" يوم 16 أغسطس ليمتد حتى ديسمبر 2020، بغية العمل على تعزيز معالجة الأراضي الجافة في العالم.
وفي مسعى لتكثيف للجهود الرامية لمكافحة التصحر وتدهور الأاراضي، تزامن بدء هذا العقد مع إنعقاد المؤتمر الدولي الثاني حول المناخ والاستدامة والتنمية في المناطق شبه القاحلة، في مدينة فورتاليزا، بولاية سيارا شبه القاحلة في البرازيل.
ويهدف عقد الصحارى ومكافحة التصحر، الذي تشارك فيه بضعة وكالات أممية كالصندوق الدولي للتنمية الزراعية، الى توعية الأهالي في المناطق الجافة والأراضي الجافة أو غير الجافة في الدول المتقدمة والبلدان النامية على حد السواء، بأهمية الأراضي الجافة لمستقبل العالم.
يأتي كل ذلك في وقت أفاد فيه الخبراء أن أهالي غرب أفريقيا يعانون من نقص حاد في الغذاء نتيجة الجفاف الذي طال أمده، ما يبرر حتمية تركيز الإهتمام على ظاهرة زحف التصحر وعدم التقليل من تداعياته.
وفي الوقت نفسه، جاءت بيانات برنامج الأغذية العالمي لتفيد بأن شرق منطقة الساحل أصبح الآن الأكثر تضررا في أفريقيا، ما حمل هذا البرنامج الأممي على إطلاق عملية طواريء لمساعدة ما يصل الى ثمانية ملايين شخصا يعانون من آثار الجفاف.
هذا ويزحف التصحر، الذي يعّرف بأنه تدهور النظم الإيكولوجية للأراضي الجافة جراء الأنشطة البشرية والتغيير المناخي، يزحف على كل قارات العالم باستثناء القارة القطبية الجنوبية، وإن كانت المناطق القاحلة وموجة الجفاف في المناطق شبه الرطبة قد أصبحت مصدر القلق الرئيسي الآن.
أما عن العوامل الرئيسية المسببة للتصحر من جراء الإنشطة البشرية، فهي تتلخص أساسا في الإستخدام غير المستدام للموارد الطبيعية نتيجة للضغط السكاني، والسياسات الاجتماعية والاقتصادية، وأنماط إستخدام الأراضي.
هذا ويعتبر سكان الأراضي الجافة من بين الأكثر فقرا في العالم، حيث يتدني متوسط دخل الفرد فيها الى نحو 10 مرات أقل من دول منظمة التعاون والتنمية. كما تبلغ معدلات وفيات الأطفال نسبة للغاية تصل الى 54 حالة وفاة من كل 1000 ولادة.
وعن الجهود المبذولة حتى الآن، يأتي مثال برنامج "مبادرات إعادة تخضير أفريقيا" الهادف الى تعزيز عملية التجدد الطبيعي، كوسيلة لدعم المزارعين في التكيف مع التغير المناخي وتحسين الأمن الغذائي في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
ويذكر أن البرنامج لا يتطلع الى وقف التصحر فحسب، بل إدخال أنظمة أكثر تطورا وإنتاجية وتوفير التكامل بين الزراعة والثروة الحيوانية والغابات، بغية تحقيق زيادة بنسبة 10 في المئة في الانتاج الزراعي، ما يعني تقليص معدلات الفقر بحوالي 6 الى 9 في المئة، إضافة الى تحسين حماية التنوع البيولوجي.
كذلك فمن المقدر أن يساهم البرنامج في النهوض بالأحوال الإجتماعية للأهالي، وتحسين أوضاع المرأة والتخفيف من وطأة الأعباء الشاقة الملقاة على عاتقها، والتقليل من خطر إندلاع النزاعات بين المزارعين ورعاة الماشية، وذلك بفصل زيادة الموارد المتاحة للجميع