في جواز زواج الرجل من مثنى وثلاث ورباع رحمة للمرأة الأولى في حكمة لا يفهمها كثير. وفي ذلك أمثلة سهلة للتبيان:
****
نفترض عبد الله وفاطمة متزوجان لسنوات يحاولان الإنجاب، عبد الله عامل يعول زوجته في المأوى والمأكل والمشرب والملبس كما أمره الله، وفاطمة ربة بيت تراعي أمور نفسها وزوجها، وهي لا تملك أن تعمل ولا أحدا غير زوجها له أن ينفق عليها ويتحمل مسؤوليتها.
أو أن فاطمة اختارت أن تكون امرأة عاملة تساعد زوجها في نفسها على ملابسها وحاجياتها.
الاحتمال الأول:
السيناريو الأول:
مرت سنوات وتبين أن فاطمة لا تستطيع الحمل:
هنا يمكن للزوج إن لم يضره الأمر أن يتعايش مع الوضع ويبقى مع زوجته ويتبنى وهو وزوجته أطفالا ـ على أن يخبر الطفل المتبني بواقع أمره فور بلوغه السبع سنوات ـ وأن يتقبلا الوضع.
السيناريو الثاني:
مرت سنوات وتبين أن عبد الله لا يستطيع الإنجاب.
هنا يمكن للزوجة أن تصطبر على الأمر وتتقبله وتتابع زواجها في رضا إن رضيت وتتبنى وهي وزوجها أطفالا.
الاحتمال الثاني:
السيناريو الأول: الزوجة لا تستطيع الإنجاب
يمكن للزوج أن يطلق زوجته لوجود ضرر، ويتزوج أخرى تستطيع أن تنجب له أطفالا
السيناريو الثاني: الزوج لا يستطيع الإنجاب
يمكن للزوجة أن تتطلق من زوجها، وإن أبى تطليقها أن تطلب الخلع لوجود ضرر بائن، وتتزوج زوجا آخر يستطيع الإنجاب.
الاحتمال الثالث:
السيناريو الأول: الزوجة لا تستطيع الإنجاب
عبد الله يريد أطفالا، وابتأس وساءت حالت الزواج لعدم تمكن زوجته من ذلك، وفاطمة تحب زوجها كثيرا، وتتألم لفكرة الطلاق، كما أنه هو عائلها الوحيد، فليس لها أن تشتغل ولا أن يعولها شخص غيره ويتحمل نفقتها. يعني أن عبد الله إن طلقها سيرمي بها إلى الشارع.
هنا، أجاز الله لفاطمة، ولأجل فاطمة، ولكي لا يُرمى بفاطمة اليتيمة إلى الشارع، أن تبق في عصمة زوجها، زوجة شرعية له، بكامل حقوقها الزوجية، بنفقتها وبيتها، وأمكن لعبد الله من الزواج بثانية تنجب له الأولاد. وبهذا، حافظ الإسلام على فاطمة، وأباح لزوجها الثانية سترة وحفظا وإعالة وحقا.
السيناريو الثاني: الزوج لا يستطيع الإنجاب
فاطمة ابتأست لهذا الأمر، ورغبت في أطفال، لكن عبد الله يحبها ولا يريد تطليقها. هل سيجبر الإسلام فاطمة على البقاء مع زوجها: لا، حقها أن تطلب الطلاق وتتزوج غيره
هل أجاز الإسلام للرجل أن يبق متزوجا منها بينما تتزوج هي الثاني: لا، لأن الرجل قادر على إعالة نفسه؛ فالراجل قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم.
وامرأة رغبت الطلاق في ضرر بائن ليس للرجل أن يحبسها في عصمته.
***********
هنا نستخلص أن إجازة زواج الثانية لهو رحمة بالمرأة، وحفاظ عليها، وسترة لها، ورأفة بها.
والثالثة والرابعة، في أوقات الحرب والفتنة، حين يموت الرجال وتترمل النساء ويتيتم الأطفال وتعنس الفتيات، للرجل الثري القادر على إعالة اليتامى من النساء والأرامل أن يتزوج ما طاب له "أي ما حلي له ورغب في جمالها، فلا يتزوج من لم تعجبه حتى لا يضرها بالإعراض عنها وعدم إتيانها حقوقها" مثنى وثلاثا ورباعا حفاظا على النساء من البغي بحثا عن الملجئ والمأكل وسترا للمجتمع وتماسكا له.
وجاءت آية تؤكد بقوله تعالى: "و لن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم" وهو توكيد على عدم الخوض في هذا الجواز إلا بالأركان والظروف والسببية المصاغة حوله، لا زواج شهوانية حيوانية حيث يمل الزوج من الأولى دون سبب ولا غضب ويستحل الثانية والثالثة شهوة جنسية لا غير.
والشرط في الزواج العلن، وزواج في الستر زواج ناقص حيث لم تكتمل شروطه وقد أبطله بعض العلماء، هذا يعني، أن زواج استوفى شروطه من ثانية لابد وأن تعرف به الأولى قبل حدوثه، ولها أن تقبل أو ترفض، وإن رفضت وطلبت الطلاق لها ذلك وهي مسؤولة عنه.