المنتدى العام للبيئة والصحة بطانطان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى يعني بالمجال البئي والصحي لمدينة طانطان
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  "القفص"

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
elaalim
Admin



المساهمات : 371
تاريخ التسجيل : 26/05/2011

      "القفص" Empty
مُساهمةموضوع: "القفص"         "القفص" I_icon_minitimeالخميس أغسطس 11, 2011 5:55 pm



لم يكن ليخطر على بال المرء ولا على خاطره, أن يقتاد الرئيس المصري السابق إلى قفص الاتهام, ممددا على سرير طبي, مرتديا لباس المتهمين, يستطلع هو وإبناه, المتهمين أيضا, يستطلع ردهات محكمة نصبت لمقاضاته عما قدمت يداه وما أخرت طيلة سنين حكمه, وفي فترة اندلاع الثورة ضده, بداية هذا العام, العام 2011.

لم يكن ذلك المنظر بوارد, ولا كان من المتوقع حتى:

+ فالرجل إبن المؤسسة العسكرية التي تحكم البلاد منذ ثورة شباب ميدان التحرير, لا بل ورأس هرمها الحالي ليس شخصا آخر, غير رفيقه في السلاح, ووزيره في الحربية والدفاع لأكثر من عقدين من الزمن.

وعليه, فلم نكن نتصور أن المؤسسة إياها ستفرط في إبن لها, أو تدفع بجهة تشويه سمعته, أو تترك للمدنيين فرصة "بهدلته" أمام الملأ, وقد كان بيوم من الأيام قائد سلاحها الجوي, ثم قائدها الأعلى طيلة فترة حكمه الطويلة للبلاد.

+ والرجل قد بلغ من العمر أرذله, ومن المرض أفتكه, ومن العجز الذهني أشده, فكان بالاحتكام إلى ذلك, كان من الوارد, والأسلم يقول البعض, أن يترك بإقامته الإجبارية بشرم الشيخ, حتى يأتيه ملك الموت, أو يقضي الله أمرا كان مفعولا.

+ ثم إن للرجل شبكة من العلاقات الخارجية, والعربية تحديدا, يزعم المرء معها أنه لن يكون بمستطاع "مصر الثورة", أن تتجاوز على ضغوطاتها, ولا على ابتزازاتها لجرجرة رجل كان لها معه ود قوي ومصالح متشعبة.

كلها عناصر ومؤشرات كان قد تم البناء عليها للخلوص إلى أن الرجل لن يلج قفص الاتهام, فما بالك أن يسائله القضاء عما صدر منه طيلة فترة حكمه, أو أثناء انفجار المظاهرات ضده. إلا أن كل ذلك لم يشفع له لا بالجملة ولا بالتفصيل, بل لربما أجج من مطالبة ثوار ميدان التحرير, بجهة مقاضاة الرجل والقصاص منه قبل أن يباغته الموت, أو تتدارك مصيره الاستنجادات.

والواقع أن إحضار الرئيس المصري السابق إلى قفص المحكمة, لم يكن القصد منه النيل من سمعة الرجل العسكرية, أو مما قد يكون قد "أنجزه" طيلة مدة تقلده زمام السلطة بالبلاد, أو حتى من إنسانيته المصانة شرعا وقانونا, بقدر ما كان القصد منه مساءلة الشخص عن أمرين أساسيين إثنين:

+ الأول ويتعلق بمساءلته عن نصيبه من المسؤولية في قتل المئات من شباب ساحة التحرير, وعن مدى تورطه في إصدار الأوامر للبلطجية, لتستهدف الأرواح والمنشآت العامة, وتعبث بالأمن العام بعدما صدرت الأوامر للشرطة بالانسحاب, وترك الأوضاع على تسيبها الشامل والواسع.

+ أما الثاني, فيتعلق بسؤاله حول السر في استشراء الفساد في الاقتصاد والمجتمع في عهده, وسطوة عائلته والمقربين منه على ممتلكات ومقدرات البلاد, حتى باتت البلاد ثروة ومقومات, بين يدي ثلة من الرعاع والمفسدين, أضاعوا الزرع والضرع دون رحمة أو خشية متابعة, فبات الفساد منظومة قائمة الذات, لا بل والخيط الناظم للاستثمار والإنتاج.

إن حصول المحكمة على عناصر للجواب بخصوص هذين السؤالين, لن يمكنها فقط من إنزال القصاص على المسؤولين في ذلك وبمقدمتهم الرئيس السابق, بل وستمكنها من معاينة مكامن الفساد, واسترجاع ما تم نهبه بهذا الشكل أو ذاك.

صحيح أنها محاكمة للعبرة والاعتبار, بحكم أن الرجل انتهى وبات قاب قوسين و أدنى من لقاء ربه, لكنها ضرورية لبناء ثقافة الضرب بيد من حديد, على من تسمح له نفسه التطاول على أرواح الناس ومقدراتهم وكرامتهم.

وصحيح أيضا أن المحاكمة هاته لن تقطع دابر فساد عشش وتغلغل, لكنها ستدشن لعهد في المحاسبة لن يسلم منه رأس الدولة, فما بالك محيطه العائلي المباشر أو حاشيته أو معاونوه.

لقائل يقول: لم التركيز في المتابعة على الرئيس السابق, وهو الذي استبعد تماما من تدبير أمور البلاد, وتركها مكرها, وهو الهرم الزاهد في الحكم, تركها لقمة سائغة بين يدي أفراد عائلته ومعاونيه المباشرين, بعدما بلغ به الشيب عتيا ولم يعد يقوى على شيء, لا بل ولم يتم الاحتفاظ به في الصورة إلا بغرض "شرعنة" المنظومة ليس إلا؟

ويتابع ذات القائل: ألم يكن من المفروض أن يتابع عناصر النظام فردا فردا, كل حسب ما أوكل إليه من مؤسسات ومسؤوليات, عوض متابعة رئيس من شبه المستحيل, والحالة هاته, أن يعلم ما تقوم به هذه الجهة أو تلك, في بلد تضخمت مشاكله, وكثرت مطالب أبناءه, وتضخمت مآسيه لدرجات جد متقدمة؟

هي تساؤلات لا تجانب الصواب كثيرا, إذ من المستحيل حقا على رئيس دولة, كائنة ما تكن قوته وقدرته على المتابعة, أن يعرف التفاصيل, حتى وإن تسنى له الاطلاع على المعطيات العامة والتوجهات الكبرى.

وهي تساؤلات موضوعية أيضا, على اعتبار أنه لا تزر وازرة وزر أخرى, سيما بانتفاخ المرافق, وتزايد تضارب المصالح, وتكاثر المتدخلين والمنتفعين وأصحاب النفوذ المضمر.

لكنها تساؤلات لا تنفي بالآن ذاته, حقيقة أن المسؤولية الأولى والأخيرة, إنما تقع على رأس هرم السلطة, بحكم أنه واضع هذه الأخيرة ومهندسها, والثاوي خلف تعيين هذا المسؤول أو ذاك, في هذا المنصب كما في ذاك.

إن له في ذلك, إذا لم يكن المسؤولية المادية المباشرة, فله على الأقل المسؤولية الأخلاقية التي تستدعي مساءلته عن سلوك هذا كما ذاك, من حاشيته ومعاونيه, حتى وإن كان موقع هؤلاء من التراتبية بسيط أو متدني.

أما القول بعدم معرفة الرئيس بمجريات ما يقع بالبلاد, فهذا أمر غير دقيق ولا هو بالسليم المستساغ, وإلا فكيف لمواطن مصري معدم, أن يتحدث عن استشراء الفساد وينعت المفسدين بالإسم والصفة, ورأس الدولة لا يعلم بذلك... هو الذي تأتيه التقارير بانتظام وأولا بأول؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mazika-20.forumegypt.net
 
"القفص"
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنتدى العام للبيئة والصحة بطانطان :: منتدى المواضيع العامة :: منتدى المواضيع العامة-
انتقل الى: