صحوة و أي صحوة جاء بها الربيع الذي يسمى باطلا "الربيع العربي"،لن نتناول مسألة التسمية لأننا اعتدنا أن ينسب بعض الغلاة كل شيء إلى العروبة:ما لها و ما لغيرها،ما يليق بمقامها و ما لا يليق،فمن البديهي أن نسمع البعض يتوهم كون الربيع عربيا.منذ الثورة المظفرة للتونسيين و شهيدها "البوعزيزي"،أصبحت كل الطابوهات السياسية محط مناقشة و تمحيص رغم أنف الغلاة المتعصبين للرؤية الأحادية للأشياء،فبدأنا نسمع بصوت أمازيغ تونس يصدح بكفاحهم لأجل إبراز خصوصيتهم التي أتت عليها رياح الناصرية الكاذبة،فكم صفحة في المواقع الاجتماعية و كم من مقال صحفي و كم من برنامج إذاعي و تلفزي أطلت فيه علينا شخصيات تونسية معروفة لتتبرأ من" نسبها" العربي المزعوم و تؤكد أنها أمازيغية أبا عن جد،مواقف جعلت قناة "نسمة" على سبيل المثال لا الحصر تعيد طرح الهوية التونسية للنقاش و لنسمع مرة أخرى أصواتا تنادي بالقطع مع الايديولوجية البائدة للقومية العربية و الاعتراف الشجاع و المسؤول و الصريح بكون هوية تونس بالمعنى المتداول للهوية – وليس الصحيح- هوية متعددة و مركبة.مواقف لم يستسغها البعض لأنها نزلت كالصاعقة على رؤوسهم لتهدد مصالحهم الزائلة.
و مع الثورة الحمراء للأشقاء الليبيين،رأينا كيف اغتنم الليبيون فرصتهم التاريخية في التغيير،رأينا كيف أصبح الوعي الامازيغي في هذا القطر المغاربي الذي عانى فيه الامازيغ أكثر من غيرهم و أكثر من أي قطر آخر من جبروت و جور طاغية شاء القدر أن يحكمهم بالحديد و النار لأربعة عقود و يزيد.وعي متجذر استفاد من الحراك الشعبي للأمة الليبية فانتفض الشعب و تحدى السلاح و النار ليقول للعالم أن الجماهيرية عظمى بأحرارها لا ب"فاضحها العظيم" و "عروبتها". أصبحنا نسمع عن أمازيغ ليبيا ،أصبحنا نتابع أخبارا بالامازيغية على قناة ليبيا الحقيقية،ليبيا المتحررة،أصبحنا نسمع أغان ملحمية تغزو الشبكة العنكبوتية،مظاهر كانت بالأمس القريب من المستحيلات.
هذا التطور الملحوظ في الوعي الشعبي بضرورة مراجعة الأوراق،لم يكن المغرب ليشكل استثناء فيه،فجاء خطاب التاسع من مارس التاريخي لعاهل البلاد ليؤسس للمصالحة مع واقع الأرض و التاريخ و يقر بكون الهوية الامازيغية صلب الهوية الوطنية و بالتعدد اللغوي،و هاهو الدستور الجديد يعترف –على كل حال - بالهوية الامازيغية و يرسم اللغة الامازيغية رغم التطاولات و الضغوطات التي مارستها قوى شوفينية أرادت أن تسبح ضد تيار التغيير الشمولي، فأطلقت العنان لحملاتها التضليلية التهويلية و للتكفير الفكري.نذالة و رجعية ووقاحة سياسوية مقيتة لم تستطع زحزحة القناعة المغربية بضرورة القطع مع الولاء الأعمى للأيديولوجية المشرقية البعثية المهترئة.
آن الأوان إذا و أكثر من أي وقت مضى أن يحذو الشعب الجزائري حذو أشقائه المغاربيين ليدشن مشروع تغيير الاستبداد و الاستعباد و القطع مع الأباطيل التي طالما عاش فيها و لا يزال للتصالح مع ذاته ؛ مع تاريخه ومع الواقع المغاربي.
إننا كمغاربيين،نتطلع إلى مغرب كبير حقيقي،متين الأسس و متعدد الآراء و الأصوات،ملؤه التعايش و التسامح و سمو القيم الإنسانية،مغرب كبير نحيا فيه جميعا في كرامة و نصحح ما أفسده عقيد معقد اشترط القومية الضيقة – رغم تحفظ بعض المتفطنين - في تأسيس الاتحاد المغاربي منذ 1989 فحكم عليه بالإعدام من اليوم الأول،و ما أسس على باطل مآله البطلان،عقيد جنا على مواطنيه كما جنا على جيرانه و أشقائه فمسخ وطننا الكبير و اصطنع أمورا واهية لخلق صراعات مفتعلة مقيتة،رمز لأذناب المستعمر الحقيقيين الذين لم يهتموا يوما لواقع و معاناة المواطن المغاربي بل لزرع الفتنة و التضليل و اختلاق كيانات وهمية في صفوف الشعب المغاربي الموحد.
إن هوية المغرب الكبير لم و لن تكون باللغة أو العرق،إنها هوية الأرض التي لا تنطق لكنها لا تموت،ألم يان لحكامنا،مفكرينا،ساستنا،مثقفينا و عموم شعبنا المغاربي أن يقول بصوت واحد: كفى من المسخ !!! كفى من التثقيف !!! كفى من الطمس !!!هويتنا المغاربية هي الكفيلة بضمان وحدتنا و تماسكنا و تكتلنا !!!لا نريد أيديولوجيات مستقدمة دخيلة،لا للشرقنة و لا للتغريب.لنمد أيدي بعضنا للبعض و نقول معا: عاش المغرب الكبير،عاش الشعب المغاربي العظيم،سحقا لدعاة المسخ و الولاء المقيت لإيديولوجيات غريبة عنا في كل شيء ،و أخرى تعاني في عقر دارها .