كلما أحس أعداء الشعوب من بزوغ شمس الحرية ينهضون بشتى الوسائل لتوجيه تفكيره إلى الأشياء الهامشية عوض الحقيقية، لو داهمت الحرية معاقلهم انكمشوا على أنفسهم محتمين بالثرات، لعله يجدون فيه عزائهم نتيجة الفشل ، و تكريس النظام البيئة القهرية الغير المتحررة والمنتجة للأفكار، تقتات على الحرية السرية لا العلنية، مرتع الاستبداد،ونمط محيل على البداوة والممانعة اتجاه الديمقراطية والمحاسبة. حيث التخلف والفقر ضارب أطنابه ، والفرّاشات في كل مكان، وغير منظمة في أسواق نموذجية أو '' كشكات '' عصرية ،في ظل حماية اجتماعية إن لم يكن هناك شغل. هذا النمط من السلوك المعيشي هُجّر إلى أوروبا وأصبحت متوجسة من التدفق البشري ل'' خير أمة أخرجت للناس '' ، حيث لا قانون يسود،عكس الدولة المدنية التي توفر جميع الحقوق.
عن هيكل تقول (رايادوناييفسكا) أكرانية الأصل وأمريكية الموطن في كتابها 'الحرية والاشتراكية': '' إحراز الإنسان على حريته لا يتم بقدر العبودية الممارسة عليه بل من خلال العبودية في حد ذاتها''،هم في صراع ، الاستبداد والحرية، كل واحد يحاول جر الآخر:'' يتجلى في أصحاب العقلية الإدارية الذين يفضلون بشكل من أشكال السلطة بدل الوفاء لثورات جماهيرية عفوية ''،ص 235 من نفس الكتاب.
فالشعب المبدع يقرر مصيره بنفسه، شبابه مشتل حريته ووعيه السياسي، محطّمين أغلال الاستبداد،رغم محاولة الثقافة المخزنية التكيف مع الأزمنة والعصور، وتحبيذها الحرية السرية والشعوب مشتاقة إلى التحرر من الخصوصية ، وهي تعاند في إبقاء الوضع على ما هو عليه حفاظا على مصالحهم من الزوال.
قبيل الإعلان عن الدستور الجديد انطلق سجال هنا وهناك، وضغوطات في شكل تسريبات دستورية بإيعاز من المستشار معتصم أبطالها بنكيران/ الريسوني ، خائفين على المغاربة من ''الهجرة الدينية '' فيما يخص حرية المعتقد والحياة الشخصية اللذان يؤسسان لقيام دولة مدنية.
إرادتهم أن ينقاد '' القطيع '' ولا مكان لسقوط أي أحد من ''الشواري'' لأن سلطتهم مفوضة من الأعلى، وسقوطه سيفسد عليهم الجو ويعرضهم للنقد. من هنا نلمس عدم تفريط الدولة في الثرات، الوسيلة الوحيدة للّجمهم ،حيث الحزن والفرح لايلتقيان !
في النهاية ،من الصعب تطبيق القانون في الدول النامية حيث الحرية '' سيّبة '' في نظر دعاة الأصالة ، يصدم المرء في أول محطة اختبارية لمجتمع محنط بالخرافات والأساطير ومعتاد على الوصاية والتنميط ،أما الإنسان الحر فيعيش كما يريد لا كما يريدانه مستبعدا كل أشكال الهيمنة والتزييف