إهتمام الاسلام بالبيئة تجلى بصورة واضحة في القران الكريم والسنة النبوية و الإسلام بطبيعته دين شامل وكامل لذا أرسى الأسس والقواعد والمباديء التى تضبط وتقنن علاقة الإنسان ببيئته لتحقيق التوازن بين متطلبات الانسان من مأكل ومشرب ووقود ومسكن ومتطلبات البيئة في نفس الوقت .ومما يجدر ذكره أن قضية البيئة وما تعانيه من تدهور واستنزاف وسوء استخدام أصبحت من القضايا الملحة فى عالمنا المعاصر بعد ظهور بوادر مشكلات بيئية لاطاقة للبشرية بها . وعالمنا العربي ولاسلامي مع الاسف بعيد كل البعد عن الوعي والحس البيئي ويغلب عليه عدم الاهتمام إلا فيما ندر فنسمع عن ندوة او مؤتمر هنا وهناك وهي في الغالب دعائية إلا ما رحم ربي . و في تعاليم الإسلام وضوابط فى التعامل مع البيئة . يقول الحق تبارك وتعالى :
( ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) ( الروم : 41 )
فهل نتعظ ونرجع عن إفساد البيئة ؟
ومن ثم تكمن أهمية خلق الوعي البيئي الإسلامي وإبراز الحضور الإسلامي في تفسير ما هية البيئة ووظيفتها ، والتأكيد على التوجيهات والتعاليم الإسلامية الرشيدة من سوء استغلال البيئة والإخلال بتوازنها من مشكلات عديدة باتت تهدد ـ بحق البشرية وتعرقل مسيرة حركة الحياة على غير ما أمر الله سبحانه وتعالى .
فالبيئة كلها بأرضها وسمائها ومائها وهوائها وجمادها ونباتها وحيواناتها ، ما يلج فى الأرض وما يخرج منها ، وما ينزل من السماء وما يعرج فيها ، كل ذلك قد خلقه الحق تبارك وتعالى مسخراً مذللاً للإنسان يعتصر منافعة من بين ثناياها ، فهي خلقت له ومن أجله.يقول عز من قائل :
( هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا فى مناكبها وكلو من رزقه وإليه النشور ) ( الملك : 15 ) .
ونستعرض هنا مجموعة من الاحاديث النبوية في التربية البيئية التى حثنا عليها الاسلام من قبل 1400 عام :
- روى الشيخان عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من مسلم يغرس غرسًا ، أو يزرع زرعا ، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة، إلا كان له به صدقة”.
- وروي أن رجلا مر بأبي الدرداء رضي الله عنه، وهو يغرس جوزة (شجرة جوز) فقال: أتغرس هذه وأنت شيخ كبير، وهي لا تثمر إلا في كذا وكذا عاما؟ فقال: أبو الدرداء: ما عليَّ أن يكون لي أجرها، ويأكل منها غيري؟!
- روى الإمام أحمد في مسنده والبخاري في (الأدب المفرد) عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إن قامت الساعة، وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها، فليغرسها”.
- (إذ أبيتم إلا الجلوس في الطريق فأعطوا الطريق حقه قالوا : وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال غض البصر، ورد السلام ، وإماطة الأذى عن الطريق).
- وكذلك نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن البول في الماء الراكد فقال صلى الله عليه وسلم : ((لا يبولنَّ أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه)). لأن هذا العمل ينشرُ الأمراضَ الخبيثةَ بين أفرادِ الأمةِ، وكذلك نهانا عن البول في ظل شجرة مثمرة، والبول في قارعة الطريق، ولعن من يفعل ذلك، لأنه يضر بالناس ضرراً كبيراً، ومن باب أولى حرم علينا إلقاء النجاسات والقاذورات في الشارع أو في الأماكن القريبة من المساكن.
- يقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: (الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق)) ( رواه مسلم في: كتاب [الإيمان]، باب (الإيمان شُعبُه وفضيلة الحياء)، حديث رقم (35).
- الإسراف والتبذير في الموارد يزيد في تضخم مشكلة تدهور البيئة، لذلك وضع الإسلام قواعد تمنع أي هدر في أي مورد، قال تعالى: {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً}(سورة الفرقان: [ الآية: 67 ].). وقال: {ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين}(سورة الأنعام: [ الآية: 141 ].)، وقال: {إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين}(سورة الإسراء: [ الآية: 27 ].). وقال النبي صلى الله عليه وسلم لسعدٍ وهو يتوضأ: ((ما هذا السرف يا سعد؟))، فقال أفي الوضوء سرف؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((نعم، وإن كنت على نهر جار))( رواه الحاكم في الكنى، وابن عساكر، عن الزهري مرسلاً (كنز العمال ج9/327).