ان التأثير المتزايد لأخطار التلوث على البيئة ، واعترافا بالحاجة الملحة لتطوير القواعد القانونية المتعلقة بحماية البيئة والحفاظ عليها ، جعل مشكلات حماية البيئة تفرض نفسها بقوة على الساحة الدولية كي تجد لها مكانا في القانون الدولي . من هنا نتساءل عن المفهوم القانوني للبيئة ؟ وما هي أهم الاتفاقيات الدولية في مجاله ؟ وماهي الاليات الدولية لحمايته ؟
1ـ مفهوم قانون البيئة :
يعتبر قانون البيئة أحد فروع القانون الدولي العام اﻠﺫي يهتم بحماية البيئة بمختلف جوانبها ، ويمكن اجمال المواضيع التي يهتم بها القانون الدولي البيئي في ما يلي :
ـ منع تلوث المياه البحرية وتوفير الحماية والاستخدام المعقول لثروات والاحياء البحرية .
ـ حماية المحيط الجوي من التلوث .
ـ حماية النباتات والغابات والحيوانات البرية .
ـ حماية المخلوقات الفريدة .
ـ حماية البيئة المحيطة من التلوث .
وانطلاقا مما سبق يمكن تعريف القانون الدولي للبيئة بأنه :"مجموعة قواعد ومبادئ القانون الدولي التي تنظم نشاط الدول في مجال منع وتقليل الاضرار المختلفة التي تنتج عن مصادر مختلفة للمحيط البيئي او خارج حدود السيادة (الولاية) الاقليمية".
1ـ الاتفاقيات الدولية لحماية البيئة :
ابرمت مجموعة من الاتفاقيات بشأن حماية البيئة سواء على المستوى العالمي ، أوالاقليمي أو الثنائي .
* على المستوى العالمي :
تعددت وتنوعت الاتفاقيات التي تم ابرامها على المستوى العالمي بشأن معالجة قضية البيئة أهمها :
ـ اتفاقية لندن 1954 والخاصة بمنع تلوث البحار بالنفط ؛
ـ اتفاقية باريس 1960 بشأن التجارب اﻠﺫرية ؛
ـ اتفاقية 1969 بشأن التدخل في أعالي البحار في حالات الكوارث الناجمة عن التلوث وقد عالجت ﻫﺫه الاتفاقية القواعد المنظمة للاجراءات الضرورية لحماية الشواطئ في حالات وقوع أضرار ناشئة عن كوارث نفطية في أعالي البحار ؛
ـ اتفاقية بركسيل 1970 بشأن صيد وحماية الطيور؛
ـ اتفاقية باريس عام 1972 المبرمة في اطار منظمة (اليونسكو) بشأن حماية التراث الطبيعي والثقافي ؛
ـ اتفاقية اسلو 1972 بشأن منع التلوث البحري من خلال القاء النفايات من الطائرات والسفن ؛
ـ مجموعة المبادئ الصادرة عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية عام 1972 ؛
ـ الاعلان العالمي للبيئة في استوكهولم سنة 1972 ويعتبر بمثابة اللبنة الاولى في صرح القانون الدولي للبيئة ؛
ـ اتفاقية واشنطن 1977 في اطار منظمة العمل الدولية ، بشأن حماية العمال من الاخطار المهنية الناجمة في بيئة العمل عن تلوث الهواء وعن الضوضاء والاهتزازات ؛
ـ الميثاق العالمي للطبيعة سنة 1980 ؛
ـ اتفاقيات الامم المتحدة لقانون البحار عام 1982 ؛
ـ اتفاقية فيينا 1982 بشأن حماية طبقة الاوزون وقد قررت ان على الدول الاطراف ان تتعاون معا في ترقية التنمية ونقل التكنولوجيا والمعرفة ﺫلك بما يتفق مع قوانينها ولوائحها وممارساتها العلمية وآﺨﺫا في الحسبان حاجات الدول النامية ؛
ـ الاتفاقية الدولية المبرمة سنة 1986 بشأن المساعدة المتبادلة في حالة وقوع حادث نووي؛
كما صدر في ﻫﺫا السياق مجموعة من الاعلانات والمواثيق الدولية التي احتوت بدورها على العديد من المبادئ المتعلقة بالبيئة منها على الخصوص :
ـ الاعلان الصادر عن قمة الارض بريو 1992 ؛
ـ بروتوكول كيوطو 16 مارس 1998 اﻠﺫي يلزم الدول المتقدمة بالحد من الانشطة الاقتصادية.
*على المستوى الاقليمي :
ـ الاتفاقية الافريقية لحفظ الموارد الطبيعية 1968 م ؛
ـ اتفاقية هلسنكي 1974 بشأن حماية البيئة لبحر البلطيق ؛
ـ مبادئ هلسنكي 1975 الصادرة عن مؤتمر الامن والتعاون الاوروبي .
ـ اتفاقية برشلونة بشأن حماية البحر الابيض المتوسط من التلوث 1976م؛
ـ اعلان مبادئ الصادر في اطار مجلس اوروبا 1978 بشأن مكافحة التلوث الهوائي .
ـ اتفاقية الكويت الاقليمية للتعاون في مجال حماية البيئة البحرية من التلوث عام 1978 م ؛
ـ اتفاقية حماية البيئة المبرمة 1979 بين الدول الاسكندنافية ؛
ـ الاتفاقية الاوروبية عام 1979 بشأن حفظ الاحياء البرية والسواحل الطبيعية الاوروبية ؛
ـ الاتفاقية المبرمة 1979 في اطار اللجنة الاقتصادية الاوروبية بشأن مكافحة التلوث البعيد المدى عن الحدود ؛
ـ اتفاقية جدة 1982 ، بشأن حماية البيئة البحرية للبحر الاحمر وخليج عدن .
على المستوى الثنائي :
يمكن القول بأن العمل الدولي على المستوى الثنائي يعتبر محدودا الى حد كبير بالمقارنة مع المستويين السالفي اﻠﺫكر ، لأن الدول عادة ما تنظم علاقاتها المتبادلة مع بعضها البعض بصورة ثنائية ووفقا المقتضيات مبدأ السيادة ومن تطبيقات العمل الدولي على ﻫﺫا المستوى نشير الى المعاهدات الاربعة التالية :
ـ المعاهدة المجرية – النمساوية 1956 بشأن الاستخدامات الاقتصادية للمياه .
ـ المعاهدة الهندية – الباكستانية 1960 بشأن استخدام نهر الهندوس
ـ الاتفاق الروسي – البولندي 1964 بشأن المحافظة على المياه السطحية والجوفية ومكافحة التلوث .
ـ المعاهدة الامريكية – الكندية 1972 بشأن أحواض المياه في البحيرات العظمى .
3ـ الآليات لحماية البيئة :
شكلت المنظمات الدولية العالمية منها والاقليمية العامة والمتخصصة الالية والاطار التنظيمي لتوحيد الجهود الدولية في مجال حماية البيئة والتنسيق بينها ، والواقع انه على الرغم من غموض الكثير من المواثيق المنشئة لبعض ﻫﺫه المنظمات فيما يتعلق بالاساس القانوني اﻠﺫي يجيز لها الاضطلاع بوظائف معينة في المجال المحافظة على البيئة وحمايتها والحد من خطورة المشكلات المرتبطة بها ، وقد اضطلعت ﻫﺫه المنظمات بالدور اﻠﻤﺫكور عن طريق انشاء اجهزة فرعية خاصة ، وقد كان للامم المتحدة فضل السبق في ﻫﺫا الخصوص فكما هو معلوم كان من بين التوصيات الرئيسية التي انتهى بها مؤتمر استوكهولم 1972 حول البيئة وهو المؤتمر اﻠﺫي حضره ممثلون عن جميع أعضاء الامم المتحدة ، تلك التوصية التي اشارت الى وجوب انشاء جهاز دولي يكون تابعا ﻠﻫﺫه المنظمة الدولية ويعنى بالشؤون البيئية وقد وافقت الجمعية العامة للامم المتحدة على قبول ﻫﺫه التوصيات وبادرت في ديسمبر من العام نفسه الى انشاء جهاز خاص ﻠﻫﺫا الغرض أطلق عليه (برنامج الامم المتحدة للبيئةPNUE ) وقد أسهمت وظائف ﻫﺫا الجهاز في العمل ، من اجل ترقية التعاون الدولي في مجال البيئة وتقديم التوصيات المناسبة في ﻫﺫا الشأن ومتابعة الوضع البيئي الدولي وتنمية ونشر المعارف البيئية للتنسيق بين الجهود الوطنية والدولية في مجال البيئي وتمويل برامج البيئية وتقديم المساعدات اللازمة في اطار الامم المتحدة والى جانب ﻫﺫا الجهاز اﻠﻤﺫكور انشئت لجان فرعية أخرى عديدة تعنى بالموضوع ﺫاته في اطار المجلس الاقتصادي والاجتماعي .
كما قامت بعض المنظمات الدولية المتخصصة بدورها بتوفير آليات خاصة بقضايا البيئة ويصدق ﺫلك بشكل ملحوظ على المنظمات الاتية : اليونسكو للاغدية والزراعة ، المنظمة البحرية ، منظمة العمل الدولية . ويقوم المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للامم المتحدة بمهمة التنسيق بين أنشطة ﻫﺫه المنظمات والاجهزة النوعية التي تنشئها تلافيا للازدواج اﻠﺫي يمكن ان يحدث بينها .
أما على المستوى المنظمات الدولية الاقليمية فتعتبر المنظمات التابعة لدول الاتحاد الاوروبي رائدة في مجال حماية البيئة وتوفير الاطار التنظيمي المناسب ﻠﺫلك ومن اهم الاجهزة واللجان والمؤتمرات التي انشأتها دول الاتحاد وخولتها سلطات واختصاصات واسعة كاللجنة الفرعية الخاصة بتلوث الهواء ، واللجنة الخاصة بتلوث المياه ولجنة التخطيط الشامل للاقاليم ، واللجنة الخاصة بالاثار والمواقع الطبيعية المميزة ، المؤتمر للمحافظة على الطبيعة ، المؤتمر الاوروبي للسلطات المحلية والاهلي ، المؤتمر الوزاري (الاوروبي) بشأن البيئة ، اللجنة الخاصة بالتنسيق لمشاكل البيئة ، اللجنة الخاصة بالبيئة والصحة .
وأخيرا يمكن القول وبالرغم من النمو المزدوج للقانون الدولي البيئي على المستوى الكمي والنوعي ، الا انه مازال يعاني من صعوبات تتعلق بتطبيقه ، فهو في الغالب يأﺨﺫ شكل توصيات غير ملزمة للدول