خلال أواخر القرن الماضي اشتغل قلة من الباحثين المغاربة على تنمية وتثمين قطاع الصبار حيث قوبلت مبادرتهم بالاستغراب من لدن الباحثين والمهتمين ، لتركيزهم على قطاع هامشي لم تبدو لهم آفاقه واعدة.
لكن مع توالي السنوات أضحى الصبار أداة للتنمية الزراعة في المناطق الجبلية والهامشية وفرصة حقيقية للتثمين وإمكانية التسويق محليا ودوليا.
وبات ثروة اقتصادية و نبات مثالي ومورد طبيعي خصوصا وانه يستجيب للتغيرات المناخية البيئية ويكافح التصحر ويقاوم عوامل التعرية ويتأقلم مع الاحتباس الحراري أي زيادة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي..وينمو في تربة بالغة التدهور لا يمكن لنبات آخر النمو فيها .
الصبار أو التين الشوكي (Opuntia ficus indica L.) ينتمي إلى فصيلة الصباريات ، ويعد من النباتات التي تعيش في المناطق الجافة و الشبه الجافة لما له من قدرات على التكيف. و يوجد الصبار في شكل أنماط إيكولوجية متعددة تعرف بخصائصها الظاهرية و فواكهها المتميزة.
يعتبر الصبار نبات عشبي من النباتات الصحراوية ، صالح للأكل, يتحمل الظروف المناخية المختلفة، ويتميز بتنوع أشكال وألوان استخداماته حيث تم اكتشاف لحدود الآن 25 ألف صنف .
ونوع الصبار الصالح للأكل تكون أوراقه لحمية, أوراقه تشبه الكفوف( جمع كف) و تحتوي هذه كفوف على مادة البيتا كاروتين, و المعادن, و بعض الفيتامينات من "فئة ب", و الكالسيوم, و الفيتامين ج (vitamin C). يمكن طهو هذه الكفوف بعد أن ننزع عنها الأوبار أو الأشواك.
كما ينمو عادة على الكفوف ثمار. و عادة ما تكون قشرة الثمار سميكة. يتراوح طول حبات الثمار بين 3 سنتمتر إلى 6 سنتمتر. كما يتراوح لون الحبات بين الأصفر أو الليموني إلى الأحمر و يوجد على الحبات عادة أوبار صغيرة الحجم مجتمعة مع بعضها في أمكان متقاربة. ما يؤكل من الحبات هو اللب و ليس القشرة بالطبع, طعمه لذيذ و يحتوي على بذور صلبة و صغيرة. في حين تحتوي ثمرة الصبار على تسعون بالمائة من الماء ...
ويتميز نبات الصبار بخاصية التلاؤم مع عدم انتظام هطول الأمطار ويتميز بتكييف فسيولوجي وهيكلي وظاهري يمكنه من النمو المتواصل أمام محدودية الموارد المائية.
ويشهد المغرب ،في المجال ، تقدما هاما على مستوى البحث العلمي سواء بالكليات العلوم في كل من مراكش وأكادير والسطات وبني ملال والسطات هذا فضلا عن الأبحاث الرائدة المنجزة من قبل المعهد الوطني للبحث الزراعي
وتحرص جهة سوس ماسة درعة من خلال الدكتور إبراهيم الحافضي على إرساء تصور شامل لتأهيل القطاع في سياق تثمين الموارد المحلية وبلورة سياسة تنسيقية لتسويق وتأهيل قطاع الصبار وفق شروط وظروف تتطلبها المرحلة .
واستغلال النسبة الكبيرة من المنتوج الغير المستغل والذي تقارب 40 في المائة.
وأفاد رئيس المعهد الوطني للبحث الزراعي بأكادير السيد عبد الرحمان ايت الحاج أن المعهد يولي عناية هامة لقطاع الصبار نظرا للدور المهم الذي يمكن أن يلعبه لتنمية القطاع وألح على ضرورة تأهيل قطاع إنتاج الصبار وفق تحديد المواضيع الأولية للبحث مع تقعيد وتقنين تسويقه . إذ بدأ المعهد مند 1999 مشاريع بحث مهمة على نبات الصبار لتيسير مجال زراعة الصبار وخلق ديناميكية تنموية للقطاع واستغلاله مع تعزيز قدرات التعاونيات المشتغلة في القطاع في سياق تجميع التجارب وتثمين المكتسبات انسجاما مع أولويات الجهة ...
تنوع جيني كبير يفرز 50صنف مفيد
وأوضح الباحث محمد بوجغاغ أن عملية جمع وتصنيف سنوي للمواد النباتية للصبار وطنيا ودوليا أفرزت إنشاء مشتل يحوي 245 نوع من الصبار تم تركيبها في الضيعة التجريبية "ملك الزهر وفي" فم الواد" بمدينة العيون.
ذلك أن التطور المورفولوجي والزراعي أظهر وجود تنوع جيني كبير جدا وأفرز 50صنف مفيد (فاكهة ،علف،وصد تآكل التربة) مما ينبغي اختبارهم من لدن المزارعين على نطاق واسع في التجارب المقارنة المتعددة و المحلية.كما أن
هناك أكثر من 400 نبات ، في إطار إنشاء أصناف متحولة ، مستخرج من "التحول الجيني" التهجين والبذور تشكل من الآن مادة لنبات الصبار مقدمة لاختيار أفضل الأصناف المحسنة
إنتاج شتائل الصبار ذات جذور كثيرة وقوية
وأفاد الباحث صدقي محمد في إطار دراسة مفعول الهرمونات الأوكسينية على إنتاج جدور الصبار أنه من المفترض أن يعتمد التطوير المستقبلي لإنتاج الصبار على تأسيس مشاتل لتزويد المزارع المنتجة بالواح الصبار ذات الجودة العالية والجذور السليمة، علما بأن الإكثار بالبذور لا يزال يقتصر استخدامه على إكثار أصناف الزينة والأنواع المعرضة للانقراض.وأضاف أن عملية إنتاج شتائل الصبار تعد من أهم العمليات الزراعية التي تعطي انطلاقة قوية وسليمة لتطوير وإنتاج شجرة معمرة وذات إنتاجية عالية,
واستوجبت دراسة أثر هرمون نباتي من فئة الهرمونات الأوكسينية AIB Acide -3-Indol Butyrique على إنتاج شتائل ذات جذور كثيرة وقوية. استعمال كميات من هرمون :AIB 0-200-400-600-800 و 1000 جزء في المليون (ppm) لمعالجة صنفين من الصبار الصنف المشوك والصنف الملس , وتمت طريقة الاستعمال بمعالجة الثلث القاعدي للوحة الواحدة (أي من جهة القطع) في محلول AIB لمدة 10 دقائق في أكياس بلاستيكية سوداء من سعة 20 ل تحتوي على خليط مكون من التربة العضوية المصنعة والرمل بنسبة متساوية ,( الثلث المعالج تحت الأرض).
و أظهرت نتائج هذه العملية من خلال بعض القيا سات على مراحل منذ بداية الزرع أن هرمون IAB بكمية 400 جزء في المليون (ppm) عمل بشكل إيجابي على الزيادة في إنتاج الجذور بعد 14 شهرا منذ بداية الزرع وذلك بنسبة 52.1% بالمقارنة مع اللوحات الغير المعالجة وقد نتج عن استعمال هذه الكمية الزيادة في إنتاج عدد كبير من اللوحات المنبثقة عن اللوحة الأم حيث بلغ معدل عدد اللوحات المنتجة 12.67 لوحة بعد 8 أشهر و 13.22 بعد 14 شهرا منذ بداية الزرع أي زيادة بنسبة 76.7% و 46.9% بالمقارنة مع اللوحات الغير المعالجة.
تأثير التسميد على النمو الصبار
ومن جهته اكد الباحث عبد العزيز ميموني على مكانة الصبار ومكانته و تجدد الاهتمام به في العديد من البلدان بسبب دوره الايكولوجية والاجتماعي والاقتصادي ضد التعرية والتصحر ، وإنتاج الفاكهة ، وإنتاج علف الماشية والاستخدام الصناعي في الصناعات الغذائية ومستحضرات التجميل والمجال الطبي.
وأفادت بحوث أجريت ، يضيف الباحث ميموني ، أن تناول جرعات من التسميد عبر المعادن المفيدة والمعتمد بشكل كبير على أنواع التربة.
وذكر مختلف التجارب المنجزة بضيعة" ملك الزهر "حول الأسمدة المعدنية حيث أبرزت هذه التجارب أهداف تأثير التسميد على المحصول وجودة الصبار وتحديد الجرعات المثلى لكل عنصر لتدجين هذا المحصول.
كما أجريت اختبارات على تربة رملية منخفضة في المواد العضوية والمواد المغذية مما نتج عنه نمو و ارتفاع النبات على مستوى الفاكهة ،ووزن الثمرة ، ومستويات السكر ، وعدد الثمار للنبات ، مع انتعاش الشتلات .
وأظهرت نتائج الاختبار أن للصبار بأنواعه الإيكولوجية التي تمت دراستها ، مع التسميد النيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم ، لها تأثير إيجابي على التنمية والنمو والإنتاجية .