الصحراء الكبرى منطقة جغرافية تمتد كحزام قاحل بين المحيط الاطلسي و البحر الاحمر و تتقاسمها العديد من دول شمال افريقيا بدءا من المغرب و موريطانيا غربا و انتهاءا بمصر و السودان شرقا. و هي منطقة جغرافية شاسعة تقطنها مجموعة من الشعوب و القبائل و تحتوي على موارد طبيعية متنوعة كالبترول و الغاز الطبيعي و الحديد و الفوسفاط… ولذلك تبقى منطقة اطماع و تجادبات سياسية تجعلها غير مستقرة على العموم. و يبقى الجزء الغربي منها موضوع نزاع خيم حوالي خمسة عقود بعد جلاء الاستعمار عن بلدان المنطقة. و قد طالب حزب الاستقلال و منذ نهاية الخمسينيات على لسان مؤسسه علال الفاسي استرجاع الصحراء المغربية و التي كان ينشط فيها جيش التحرير و المكونة من الصحراء الشرقية و الصحراء الغربية و صحراء الجنوب او صحراء شنقيط كامتداد تاريخي للدولة المغربية التي لم تكن تعرف حدودا جنوبية لها غير نهر السنغال (المرابطين-الموحدين-السعديين و العلويين). غير ان دخول الاستعمار الاوربي للمنطقة (فرنسا و اسبانيا) احدث منعرجا جيو-استراتيجيا و سياسيا عميقا على خارطة هذا الجزء من شمال افريقيا. و جاءت الاكراهات و التطورات السياسية اللاحقة لتجعل المغرب يكتفي بضم الصحراء الغربية و ابقاء ملف ترسيم الحدود الشرقية مفتوحا مع الجزائر و صرف النظر عن صحراء شنقيط بعد قيام الدولة الموريطانية عليها و اعترافه بسيادتها على هذا الجزء من صحراء الجنوب. و قد كان اول هذه الاكراهات رفض الملك الراحل محمد الخامس في فجر الاستقلال العرض الفرنسي -المحتل انذاك للاراضي الجزائرية- بترسيم الحدود بينه و بين المغرب شريطة تخلي هذا الاخير عن دعم المقاومة الجزائرية و التي وعدته باعادة الاراضي المتواجدة بمناطق تندوف و بشار و أدرار غرب الجزائر و التي ألحقها الاستعمار الفرنسي في ظروف تاريخية معروفة بالتراب الجزائري .. بعد استرجاع المغرب للصحراء الغربية من الاستعمار الاسباني قامت الجزائر بدعم جبهة البوليساريو من اجل المطالبة بالانفصال عن المغرب عبر ما بات يسمى بتقرير المصير. و الجزائر ترمي من وراء ذلك الى ثني المغرب عن المطالبة بصحرائه الشرقية و تاجيل ملف رسم الحدود بين الدولتين الى حين ايجاد حل لمشكل “الصحراء الغربية”. و بذلك اصبح مصطلح “الصحراء الغربية” دو حمولة سياسية تعني في حدها الادنى الحياد حول مسالة مغربيته من عدمها و اقصاه دولة تدعي جبهة البوليساريو حقها في اقامة جمهوريتها المزعومة عليها. لكن و منذ ايام اطل علينا هذا المصطلح في حلة جديدة على لسان بيد الله محمد الشيخ امين عام حزب الاصالة و المعاصرة و احد ابناء قبيلة الركيبات و احد مؤسسي جبهة البوليساريو و سرعان ما تناقلته الافواه و الاقلام بين مؤيد و مستنكر لهذا المصطلح. فمنهم من قال انه نكوص و تشكيك في مغربية الصحراء و منهم من ذهب الى انه مصطلح يجب تطبيعه و افراغه من حمولته السياسية التي اثقلته و استعماله للاشارة الجغرافية لهذا الجزء من الصحراء المغربية كتمييز عن باقي الصحراء المغربية الممتدة حول حوض درعة و واد نون و تافيلالت. لكن الاكثر دهاء و فطنة راى فيه تصفية لحسابات سياسية و قبلية و اقصاء لمكون قبلي هام يعمر المنطقة الممتدة من شمال الطاح جنوبا الى سيدي افني شمالا و من المحيط غربا الى الزاك شرقا كما راى فيها سحبا للبساط من تحت اقدام قبائل تكنة و رغبة في اخراجها من اللعبة السياسية و المعادلة المعقدة قبيل اي حل لهذه القضية سواء كان حكما ذاتيا او تقريرا للمصير. و هذا ما جعل مجموعة من الشباب بطانطان -مهد الجبهة- يؤسسون حركة تحت اسم “حركة احياء تحالف قبائل تكنة” و المكونة من قبائل ازركيين و ايت موسى و علي و ايت اوسى و ايت لحسن و يكوت و ايت بعمران في انتظار التحاق باقي قبائل تكنة. و يبدو ان هذا المشروع يرمي الى خلق توازن بين القبائل الاصلية تاريخيا (صنهاجة) في مجال الصحراء و بين القبائل العربية الوافدة من بني معقل و بني هلال (الركيبات و اولاد دليم و العروسيين). كما تروم الى اثارة انتباه صانعي القرار ان هذا المكون البشري التكني لن يقبل بلعب دور المتفرج و انه احد عناصر المعادلة التي لا يمكن ايجاد حل دون اعتبارها و الانصات اليها و اعطائها المكانة التي تستحق داخل اي تخريجة سياسية لملف “الصحراء الغربية”.. .