النقاش الوطني طيلة هذه الأيام يروم حول مصير حركة شباب 20 فبراير في سياق صعود حزب بنكيران، والسؤال هنا، ما مصير ومآل حركة شباب 20 فبراير بعد نجاح إسلاميي حزب العدالة والتنمية ؟وهل يعود هذا الشباب اليافع المتعطش للتغيير والنضال الى بيته ويترك الساحة فارغة لحزب العدالة والتنمية بعد توليه مبدئيا لزمام المبادرة ورفعه لشعار ثقيل هو سحق الفساد والإفساد بالبلاد والعباد ؟
الجواب بديهيا، لا طبعا، فالمغرب اليوم في أمس الإحتياج الى قوتين سياسيتين حتميتين في مواجهة من يمتلك أسباب الفساد الاصغر والأكبر بالمغرب، الأولى هي حركة شباب 20 فبراير التي اختارت التموقع خارج قواعد وإملاءات اللعبة السياسية، أي في الشارع حيث المكان الأنسب والطبيعي للضغط. وهذا أمر لازم، و الثانية هو حزب العدالة والتنمية الذي إستطاع الوصول الى وجدان المليون و200 الف ناخب مغربي في الاستحقاقات التشريعية.وقد اختارت هذه القوة موقع وطابع المؤسسات والنضال من داخل قواعد اللعبة السياسية التي يمليها النظام القائم، وهذا تكتيكيا أيضا لازم ويتطلب نبوغ ودهاء سياسيين للخروج من اللعبة بكل شرف وسلامة. وبالتالي فمن التكتيك السياسي القول أن كلا القوتين هم في تكامل لا في صراع. طالما الاختلاف في موقع النضال ليس إلا، مع فارق ضئيل في صقف الأهداف.
فكل من حركة 20 فبراير وحزب بنكيران اليوم الكرة في ملعبهما لمواصلة الاشواط المتبقية للوصول الى مغرب الشعب، وتخليص العباد من عجرفة وسطو المخزن، فقط يلزم الأمر تجاوز بعض الكبوات التي قد تعرقل وتزيل البساط من تحت أقدام الحركة وكذا الحزب، فبنكيران وعد الناخبين بأنه سيتعامل مباشرة مع الملك، وأنه لايقبل بالوسطاء لأن جل من كانوا وسطاء حجبوا الرؤية بين من يجلس على العرش ومن وضعوا الناس فيه ثقتهم، فحاشية العرش طبعا لم تكن غنائمها الشخصية ببعيدة عن الرسائل التي كانوا ينقلونها من والى الملك، ولهذا فعلى بنكيران أن يبقى على وعده بإزالة الوسائط بينه وبين الملك، لأن انتضارات الناس ابدا لاتعرف الصبر.
كما من اللازم لحركة 20 فبراير أن تفتح نقاشا جازم وحازم حول العديد من المفاهيم "الملتبسة" والغير محددة والتي تشكل أبرز مطالبها، كمطلب " الدولة المدنية" وأن " الدين لله والوطن للجميع"، فتأجيل هذا النقاش الجازم الحاسم يعد تهديدا بوجود صراعات بين القوى السياسية الحيوية المشكلة للحركة، وبالتالي فمن الضروري فك الإلتباس عن المطالب من قبل شباب الحركة الذي على الرغم من أنه ليس متمرس في النضال السياسي الذي يتأتى من التعبئة والتأطير في المؤسسات السياسية، إلا أنه قد أبان عن مهارة في التواصل والحركة والتسيس.