يشهد كوكبنا الأرضي زيادة سريعة في حجم وتنويع منتجات النفايات الصلبة، نتيجة النمو الاقتصادي والحضاري والتصنيع وأنماط الإنتاج والاستهلاك غير المستدامة ، مما يخلف آثارا عالمية خطيرة على الموارد الطبيعية والبيئية والصحة العامة والاقتصاديات المحلية وظروف العيش.
ويعد تدبير النفايات الصلبة مجالا واعدا للاستثمار، لانعكاساته الإيجابية على البيئة والاقتصاد و لكونه يساهم في تطوير الأنشطة المرتبطة بالتدوير والتثمين...
وستشكل المراصد الجهوية للبيئة والتنمية المستدامة المحدثة بعموم مناطق المغرب أداة مرجعية لرصد وتتبع الحالة البيئية لمطارح النفايات ومجال تدبيرها بالجهة قصد مساعدة المتدخلين الجهويين على اتخاذ القرارات في مجالات البيئة والتنمية
ومن أجل الرفع من عملية جمع النفايات والنظافة بالمدن إلى مستوى 90 في المائة في أفق 2015 وإلى 100 في المائة في أفق 2020 ، عمل قطاع البيئة بوزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة على تطوير أهداف البرنامج الوطني للنفايات من خلال تأهيل جميع المطارح وتطوير عملية الفرز والتدوير والتثمين عبر مشاريع نموذجية للوصول الى مستوى تدوير تصل إلى 20 في المائة في أفق 2015 و عصرنة أنشطة تدبير النفايات وأيضا تكوين وتوعية الفاعلين المعنيين بذلك.
ونص الفصل 21 من مذكرة 21 في مجال تدبير النفايات الصلبة والصرف الصحي ، على أن " التدبير الاقتصادي السليم للنفايات يعد احد المشاكل البيئية الأكثر أهمية للحفاظ على نوعية وجودة البيئة والأرض ، وخاصة من أجل تنمية إيكولوجية سليمة ومستدامة في جميع البلدان .
وتشمل النفايات الصلبة ، المشار إليه في الفصل 21 جميع القمامات والنفايات سواء غير الخطرة مثل التجارية والمؤسساتية والنفايات الأخرى المستخلصة من تنظيف الطرق والبناء ....
ذلك أن النفايات في بعض البلدان ،كثيرا ما تختلط الخطيرة منها مع النفايات الأخرى ، الأمر الذي يشكل مشاكل تدبيرية خاصة.
وعلى هامش القمة العالمية للتنمية المستدامة المنعقدة في سنة 2002 ، أكدت الحكومات المشاركة على أهمية إدارة النفايات الصلبة ، وطالبوا بإيلاء عناية خاصة للوقاية وتقليص النفايات بإعادة استخدامها وتدويرها فضلا عن استخدام المواد البديلة غير الملوثة وكذا تطوير مرافق التخلص السليم بيئيا ، بما في ذلك تكنولوجيا تحويل النفايات إلى طاقة.
وستناقش لجنة التنمية المستدامة(CDD 19) في جولتها الرابعة مسألة إدارة النفايات في السنة القادمة 2011.
ومن أجل بلورة رؤية إفريقية تثري وتدعم نقاشات دورات لجنة التنمية المستدامة وقراراتها المزمع اتخاذها ،عقد المعهد الدولي للنفايات و الصرف الصحي بالرباط اجتماعا استشاريا إقليميا حول إدارة النفايات في إفريقيا وذلك للإسهام في مداولات المعنيين بالقطاع و تحديد القيود والعقبات التي تعترض تنفيذ سياسات تدبير القطاع.
وأفاد السيد سمير بنسعيد مدير المعهد الدولي للنفايات والصرف الصحي أن المغرب بادر إلى عقد هذا اللقاء الافريقي لتهيئة تصور موحد يروم التصدي للتحديات التي تواجه المنطقة الإفريقية في إدارة النفايات والحلول المحتملة والفرص المتاحة لتلبيتها في سياق التنمية المستدامة.
وحذر السيد سمير بنسعيد من التهديد الذي يطال المشهد البيئي خصوصا إشكالية النفايات الصلبة حيث تحول دون تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية الحالية . مما يستوجب صياغة سياسات وترتيبات مؤسساتية مناسبة ، ومنهج فعال لإدارة النفايات للمجتمعات المحلية والتغلب على التحديات في مجال الصحة و البيئة ، ومراجعة الخدمات والبنية التحتية المعتمدة...
وتنفق عادة البلديات في البلدان النامية بين 20 و 50 من ميزانياتها لإدارة النفايات الصلبة. في حين أن بعض هذه البلدان يبتلع ما يرنو على 80 إلى 90 في المائة من ميزانيتها ....
ويتطلب تدبير النفايات الصلبة التعاون الوثيق بين مختلف أصحاب المصلحة -- حكومات ومجتمع مدني وقطاع خاص وسلطات محلية ومنظومة الأمم المتحدة وفق تعاون وثيق تطوير للشراكات ، وتبادل للتجارب ونقل للتكنولوجيا المتطورة عبر إشراك القطاع الخاص في تقديم خدمات إدارة النفايات والاستثمار في البنية التحتية.
وأعربت السيدة كنزة كواكب روبنسون ممثلة إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة، عن جدوى هذا اللقاء الافريقي الذي يعد فضاء مهما للدول الإفريقية لتقعيد تصور شامل حول نظام تدبير مندمج ومستدام للنفايات الصلبة خصوصا أمام زيادة حجم النفايات وتنوعها ، كالالكترونية والبلاستيكية، والذي سيتم تداوله في الدورة 19 للجنة التنمية المستدامة للأمم المتحدة .
وأبرزت السيدة خالدة بوزار ، عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة ، وضعية التحديات التي تواجه تدبير النفايات الصلبة والأخطار التي تشكلها النفايات على الصحة العامة وارتفاع تكاليف عمليات التدوير على صعيد أكبر وكذا إرساء البنى التحتية لتدبير النفايات التي تتطلب تكنولوجيا متطورة وتكاليف مرتفعة.
وأشارت أيضا إلى مزايا تعميم خدمات تدبير النفايات وتطوير منتجات جديدة من قبيل الطاقة والسماد المستخرج من النفايات والحد من انبعاثات الغاز المسببة الاحتباس الحراري وخلق فرص عمل جديدة .
وأوضحت السيد خالدة بوزار مرامي الشراكة العالمية لإدارة النفايات وذلك لدعم تنفيذ الأهداف الإنمائية للألفية ، وخصوصا الهدف السابع الخاص بالاستدامة البيئية ، وقرار الأمم المتحدة للبيئة
25 / 8 المتعلق بالنفايات حيث تم إطلاق برنامج الشراكة العالمية لإدارة النفايات (GPWM) ،إلى جانب الحكومات (بنغلاديش وكمبوديا وكولومبيا وإثيوبيا ومصر والهند واندونيسيا واليابان وليسوتو وكينيا وماليزيا ونيجيريا وفيتنام) ، والوكالات الدولية (UNCRD و برنامج الأمم المتحدة الإنمائي واتفاقية بازل والحكومات المحلية (مدينة أوساكا الحكومة) والقطاع الخاص / الجمعيات (ISWA) والأوساط الأكاديمية المختلفة ..
ويروم هذا البرنامج تعزيز أنشطة القطاعات التي تفتقر إلى نهج شامل وذلك قصد التغلب على التحديات التي تم تحديدها بطريقة منهجية على المدى القصير والمتوسط والطويل والتي من شأنها تمكين التنفيذ الفعال للإدارة المستدامة للنفايات.
وسيساهم برنامج GPWM في توفير قاعدة للتمويل لدعم إدارة النفايات وتنسيق التمويل الخارجي ، مع خفض تكاليف المعاملات من خلال وضع الموارد المالية والتقنية لمواجهة التحديات التي تم تشخيصها ثم دعم تبادل أحدث المعارف والخبرات والدروس المستفادة والخبرات والتدريب بين أعضاءها.
وذكر السيد غراهام ألباستر عن برنامج الأمم المتحدة للإسكان مهام البرنامج ،الذي يمثله ،على مستوى تدبير النفايات عبر تشجيع الاستثمار بإفريقيا واستكشاف الفرص والمؤهلات المتاحة وتعزيز كفاءات الشباب التنافسية بغية إدماجهم في سوق الشغل.
وتناول ممثل برنامج الأمم المتحدة للإسكان مشاهد من إدارة النفايات الصلبة في المدن الأفريقية حيث يتم تغيير المناظر الطبيعية في المناطق الحضرية ذلك أن دول الشمال بإفريقيا آخذة في الانخفاض بما يقرب من نصف المدن من حيث عدد السكان في حين أن في الجنوب ، أكثر من نصف مدنه آخذة في النمو بسرعة كبيرة. إذ أن مدن العالم النامية تنمو بسرعة عشر مرات ...
وتعد إفريقيا الأسرع نموا في العالم بمعدل 3،3 ٪ من 2005إلى 2010 ذلك أن معظم النمو الحضري ،اليوم، في التجمعات الحضرية المتوسطة والصغيرة الحجم من سكان المناطق الحضرية الجديدة ، بين الآن وعام 2025 ، سيكون ثلثاهم في المناطق الحضرية أقل من 500000 نسمة . كما يعيش اليوم 72 في المائة من سكان المجال الحضري في أفريقيا في الأحياء الفقيرة بخلاف آسيا ب 46 في المائة و أمريكا اللاتينية ب 30 في المائة....
ودعا إلى اعتماد شراكات فعالة بين السلطات المحلية والمؤسسات الخاصة الأساسية ، ونهج مقاربة جهوية بإفريقيا تنشد تعزيز أسواق إعادة التدوير وتبادل التجارب والمناهج التقنية
مع إيجاد حلول فعالة لإدارة الجزء العضوي في النفايات عبر الاستفادة في إعادة الاستخدام الزراعي فضلا عن التركيز على بناء القدرات الحاسمة ما قبل الاستثمار لتعزيز البيئة المؤسساتية...
وتناول المشاركون مجال الإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة في أفريقيا من خلال تحديات بناء التكنولوجية والمالية والسياسية وتأهيل القدرات ثم خيار إشراك القطاع غير الرسمي في إدارة النفايات الصلبة وكذا تعزيز وإقامة الشراكات والشبكات المؤسساتية لتطوير إدارة النفايات في إفريقيا ومنح استقلالية المدن في مجال تدبير اقتصاد تدبير النفايات .
و تقاسم المشاركون ، من خلال العروض المقدمة من قبل بلدان إفريقية مختلفة ، الدروس المستفادة والخبرات ، وعملوا على استيعاب متطلبات الأطر المؤسساتية والسياسية ، وتحديد الفجوات في السياسات والممارسات وعملوا على تحديد الفرص لتعزيز الشراكات وتوسيع خدمات إدارة النفايات ؛ كما عالجوا آفاق تطوير الممارسات الجيدة في الإدارة المستدامة للنفايات و الإجراءات العملية لذلك والسعي نحو الإصلاحات السياسية وتطوير البنية التحتية ، وتوعية الساكنة ..
يشار إلى أن الاجتماع الاستشاري ،الممتد على مدى يومين ، نظم بمبادرة من المعهد الدولي للماء والصرف الصحي ولجنة التنمية المستدامة التابعة لإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة وبتنسيق مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الرباط ، وكتابة الدولة المكلفة بالماء والبيئة ، وبرنامج الأمم المتحدة للإسكان و كذا برنامج الأمم المتحدة للبيئة....
ويذكر أن اللقاء شهد مشاركة وزراء البيئة بمختلف الدول الافريقية، ورؤساء بلديات المدن وممثلي القطاع الخاص والمؤسسات الدولية ، ومؤسسات البحوث والسياسات ، وممثلي المجتمع المدني