لم تعد تفصلنا عن شهر رمضان إلا أيام قلائل، شهر الغفران والتوبة لهذه السنة مختلف كليا عما سبقه في السنين الماضية،رمضان هذا العام يهل علينا بنكهة الدم والتقتيل والترهيب بيت بيت،ودار دار،بدول عربية شقيقة (ليبيا واليمن وسوريا) لإجهاض مطالب شعوبها في التغيير والإصلاح ،في الوقت الذي ستطلع فيه شمس رمضان على المغاربة بنسمة تعديل الدستور ونكهة الاستفتاء، استجابة لرغبتهم في محاربة الفساد وإحقاق دولة الحق القانون،في انتظار تنزيل مقتضيات هذا الدستور الجديد المحتفى به ملكا وحكومة وشعبا،فهل سيشفي الدستور الجديد غليل المواطن المغربي التواق للحرية وللعدالة الاجتماعية أم ستبقى دار لقمان على حالها؟...
حتى نكون منصفين في حق البوعزيزي وثوار مصر ،ليبيا ،اليمن ،سوريا وما شاب بلدنا الحبيب من احتجاجات، فإن هذه الثورات كان هدفها الأسمى إحقاق الكرامة للمواطن العربي والعيش بحرية في ظل العدالة الاجتماعية، ولم تكن على الإطلاق "ثورة جياع" كما ادعى بعض أعداء الحرية والمحسوبين على الأنظمة الفاقدة الشرعية من شعوبها...
لكن رمضان هذه السنة يختلف ببلد جل ساكنته يتقاسمون معنا وحدة الهوية والعروبة ،ففي الوقت الذي تنعم فيه بلدان الخليج في الترف ورغد العيش حتى بلغ بهم الأمر حد التخمة في المأكل والمشرب ،ناهيك عن تخصيص نسوانه ميزانيات لمساحيق التجميل والعطور ، هوس بكل المقاييس وإسراف بكل ماتحمله هذه الكلمة من معنى ، ،نجد بلدا عربيا مسلما كــ "الصومال" يحتضر ويستغيث ولا مغيث؟...
ما يحز في النفس هو الدور المخجل للجامعة العربية رغم تغيير قيادتها في معالجة الوضع الكارثي واللاإنساني الذي وصلت إليه الصومال (مجاعة وقهر ،جفاف وموت وحرب أهلية...)، اللهم بعض الادانات التي لا تسمن ولا تغني من جوع ،حيت اتضح مما لا يدع مجالا للشك أن الوضع لا يتعلق بتغيير قيادة من "عمرو موسى" إلى "نبيل العربي" وإنما بثقافة الاستهانة بالدول المستضعفة عملا بـــ شريعة قانون الغاب:"البقاء للأصلح والأقوى "،بعبارة أخرى:" لمن يستثمر أكثر ،ومن يدفع أكثر "،متناسين أن الاستثمار في الإنسان هو الرأسمال الحقيقي...
الوضع بالصومال أشبه بنفوق الأسماك من البحار نتيجة التلوث ،الشعب الصومالي ينتحر من الجوع نتيجة برغماتية القادة العرب ،فهناك من هو منشغل بجلب مرتزقة للقضاء على الثوار ومن يتفنن في التقتيل والترويع ، وهناك من هم منشغلون بإقامة المهرجانات والحفلات،عجبي!!!...
فمتى ستستفيق الجامعة العربية للقيام بدورها في الدعم المادي والمعنوي لشعوب المنطقة العربية دون تمييز أو تفريق؟،ومتى سيستفيق مشايخنا الأفاضل للاهتمام بالتأطير الديني لإصدار فتاوى تخدم مصالح الشعوب وحقها في الحرية والعيش الكريم ،عوض التلهي بفتاوى غرف النوم التي أفقدت شعبة الحياء فينا،وعوض انشغالها بمساندة الأنظمة المستبدة بشعوبها والفاقدة الشرعية...
إلى حين تحقيق أحلام شباب الثورات العربية ...رمضان كريم وللحديث بقية...