أيقظ حَرْق التونسي البوعزيزي لجسده ضمير أمة تكالبت عليها سلطة مطلقة غير محدودة الزمان والمكان لأنظمة استبدادية. كل نظام لا يخاف المحاسبة عدو شعبه، وصَعْبٌ على حاكم " تَمَخْمَخَ " في النعيم ورمشة عين يرى نفسه في طريق الزوال. فلولا قناة الجزيرة والشبكة العنكبوتية لكان مصير جل الثائرين قبور وزنا زن. يحسبون البلاد لهم وحدهم والشعوب خدم وعبيد.ما يقع في هذه الدول أمر مخجل، فضح بالملموس دار الإسلام في مواجهة مدنيين عزل مطالبين بالحرية والديمقراطية. لعل محاكمة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك توقظهم من غطرستهم وما تعتمله السلطة في نفوسهم من استهتار بالقانون.
مع دستور المغرب الجديد التي صارت به الركبان فرحة مهللة،على إثره سيشتغل العاطل ويغتني الفقير ويحاسب السارق،هو التفاف على ثورة شعبية بمسكنات وأدوية فاقدة الصلاحية،ما تلبث أن تتحطم على صخرة الواقع الاجتماعي المزري.
خطب رسمية في جهة وواقع عنيد في الجهة الأخرى، لا ديمقراطية وهم يحزنون،رغم ما تطبل به الآلة المخزنية أن المغرب استثناء.هو فعلا استثناء في دهاء المسئولين على تزييف الحقائق وإعطاء هالة قدسية وقانونية على دستور شابته شوائب. كان أمل الكثيرين أن لا يعود الفساد من النافذة. سياسة " كُولْ واسْكُتْ " أوصلت المغرب إلى السلاليم الدنيا على المستوى العالمي في التنمية الاجتماعية والاقتصادية ، ويريد النظام دمقرطة مجتمع أفسدهُ ؟، تناقض ما بعده تناقض، وثروات ما يفوق خمسة عقود مستحوذ عليها؟، من يجب محاسبة النظام أم مجتمع منهك بالأزمات والويلات، وقلة قليلة تعيش في رغد؟
شعب تعب من الأكاذيب وإلصاق أخطاء الآخرين بحكومة كانت ولا تزال موظفة في دار المخزن منذ عقود. و مقولة "الخونة في القصور وأولاد الشعب في السجون" حاضرة في كل وقت وحين.
السلطة مفسدة على حد قول صديقي محمد، وقصة ضابط متقاعد أسكرته السلطة وراح يتغني بجنونها ، وبفعل الذين تحت إمرته. ولشفائه وإعادته إلى حالته الطبيعية، اقترح احد العارفين بدهاليز السلطة على عائلته وضع "خابية ماء" أمام مسكنه وفي يده عصا من القصب، يعطي من خلالها الأوامر بصرامة للشاربين في البدأ والانتهاء من الشرب. مرض أصاب الكثير بما فيها ممتلكوها.